ضحت الأحداث السياسية في العقود الأخيرة من تاريخنا المعاصر تتوالى بشكل سريع، وتبرز في صورة مفاجئة، على نحو يجعل المراقب السياسي يقف مشدوها حائرا، تعجز أدوات تحليله عن كشف أسرارها ، وتقصر قوالب تفكيره عن استشراف نتائجها ، غير أن الراصد للأحداث السياسية في المنطقة منذ عام 1979م الذي خرجت فيه معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل و ثورة الخميني في إيران ، يلفت نظره أن المنطقة تعيش فصول مسرحية سياسية ، أُجيدت صياغة نصها ، وأتقنت صناعة عقدتها ، وأُحكمت حياكة حبكتها ، فما إن يبدأ عقد جديد إلا ويأتي معه فصل مختلف، يُستهل بحدث سياسي يخالف التوقعات، ويفوق التصورات، فيكون هو الحدث الأبرز الذي يهيمن على الأحداث السياسية في سنوات ذلك العقد، وعلى أثره تتغير خارطة التحالفات السياسية في المنطقة، وبسببه تسقط أنظمة دول حاكمة، وفي ظله تُعاد صياغة المواقف الدولية من القضايا المصيرية، وفي نهايته يكون الرابح الأول والأخير طرفين، هما: الكيان الصهيوني الذي غيّر إستراتيجيته في تعزيز وجوده في المنطقة بعد معاهدة السلام : من شن الحروب بجيوشه إلى استغلال أزمات المنطقة وأحداثها السياسية في تقوية نفوذه.. والطرف الثاني دولة إيران التي انتهجت سياسة العداء الشفهي المعلن لإسرائيل والغرب والمتاجرة بقضية فلسطين من أجل إخفاء عدائها الحقيقي للعرب، وتعمية مصالحها المشتركة في المنطقة مع إسرائيل والغرب.
فلو نظرنا إلى أحداث العقد (1981م - 1990م) لو جدنا أن الحدث الأبرز في المنطقة هو (حرب الخليج الأولى) بين العراق وإيران التي اندلعت في بداية ذلك العقد فاستمرت ثماني سنوات حتى انتهت باستنزاف الدول العربية، ونجاح إيران في فرض نفسها قوة عظمى في الخليج، وتصدير ثورتها إلى دول الجوار، وتهيئة مناخ ملائم لتعزيز وجود إسرائيل في المنطقة.
وفي العقد (1991م - 2000م) نجد أن الحدث الذي هيمن على جميع أحدث ذلك العقد هو (حرب الخليج الثانية / الاحتلال الغاشم للكويت) الذي كان طعنةَ غدرٍ في ظهر الأمة العربية أزالت الائتلاف بين الدول العربية، وأنهكت اقتصادها وأضعفت نموها، وفي المقابل كانت مصدرَ عز واستقرار لأمن إسرائيل وإيران في المنطقة.
أما في العقد (2001م - 2010م) فنجد أن واقعة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م هي الحدث الفاصل الذي على أثره شن العالم حربا عالمية على الإرهاب، استغلتها الولايات المتحدة فيما بعد في إشعال (حرب الخليج الثالثة) التي انتهت بتسليم العراق لإيران وتقسيم الدول العربية إلى محورين لصالح تعزيز نفوذ إسرائيل وإيران في المنطقة..
ومما يثير الدهشة أن نجد بداية العقد الجديد 2011م تُستهل بثورة شعبية مفاجئة، أوقد شرارتها رجل من الطبقة الكادحة ، في بلد عربي بعيد عن المشهد السياسي، فأسقطت نظامه العلماني الدكتاتوري، وأخذت نيرانها تنتقل بين الدول العربية انتقال النار بين الحقول اليابسة في يوم عاصف..
فهل يا ترى تكون ثورة (بوعزيزي) وما تبعها من ثورات شعبية على الأنظمة العربية هي الحدث الأبرز الذي سيلقي بظلاله على أحداث العقد القادمة، كما حصل مع حادثة الحادي عشر من سبتمبر في بداية العقد الماضي؟!..
هل ستكون تلك الثورات التي خالفت التوقعات حدثا خارجا عن نص المسرحية السياسية القائمة في المنطقة وعن سياق الأحداث التاريخية في العقود الماضية، فيدشن مرحلة سياسية فاصلة تبشر بانبلاج فجر جديد ؟!
أم هل يكون ذلك الحدث مجرد امتداد لنسق الأحداث السياسية السابقة، فلا يعدو أن يكون فصلا جديدا يضفي على فصول هذه المسرحية المستمرة مزيدا من الإثارة والغموض من أجل استدراج الشعوب العربية اليائسة التي سئمت مشاهدة فصولها بعد أن انكشفت لها أسرار أحداثها ، لتقوم - من حيث لاتشعر - بأداء الأدوار السابقة لقادتها في هذه المسرحية ؟! ..
ألا يمكن أن تقوم الولايات المتحدة باستثمار هذا الحدث مستقبلا - كما هو ديدنها مع الأحداث السابقة - ، وذلك بسرقة ثمار ثورات الشعوب العربية ، واستغلال براءة مطالبها، لاستخدامها في صنع أنظمة جديدة مختلفة، وإحداث خلخلة في موازين القوى في المنطقة، وإعادة صياغة المواقف الدولية من القضايا المصيرية ، وتقوية أدوار دول على حساب أخرى، وتغيير خارطة التحالفات في المشهد السياسي ، يكون الرابح الأول والأخير في نهاية الأمر: إسرائيل وإيران في المنطقة، فتكون - حينئذ - هذه الثورات في حقيقتها مجرد إرهاصات للفوضى الخلاّقة التي بشرت بها قبل سنوات عجوز البيت الأبيض (كونداليزا رايس)؟!..
إنني إذ أسوق هذه التساؤلات لا أكرس نظرية المؤامرة ، بل أدعو إلى تأمل الأحداث ، واستشراف العواقب ، واستلهام العبر، لدرء الأخطار، والخروج بأقل الخسائر، وأخشى ما أخشاه أن نترك تلك المهمة للمستقبل حتى تأتي بداية العقد القادم 2021م لتكون خير من يكشف لنا غموض ماضينا، وحينئذ سنصطدم بالواقع المرير، وسنجد أن التاريخ قد أصدر فاتورة الأحداث، وسجّل خسائرها - كما في كل مرة - في حساب العرب الذين يشهد لهم التاريخ في كثير من أحداثه أنهم أغرار كرماء ، تسيطر عليهم العاطفة ، وتأخذهم النخوة العربية ، فتنسيهم عِبر التاريخ ، وتعميهم عن استشعار ما يُحاك لهم من مكائد ، ومايُبيت لهم من أخطار .
Read more In Mega fm Read health news health big social network social network ميجا اف ام هيتس اف ام ستار اكاديمي 8 star academy 8
فلو نظرنا إلى أحداث العقد (1981م - 1990م) لو جدنا أن الحدث الأبرز في المنطقة هو (حرب الخليج الأولى) بين العراق وإيران التي اندلعت في بداية ذلك العقد فاستمرت ثماني سنوات حتى انتهت باستنزاف الدول العربية، ونجاح إيران في فرض نفسها قوة عظمى في الخليج، وتصدير ثورتها إلى دول الجوار، وتهيئة مناخ ملائم لتعزيز وجود إسرائيل في المنطقة.
وفي العقد (1991م - 2000م) نجد أن الحدث الذي هيمن على جميع أحدث ذلك العقد هو (حرب الخليج الثانية / الاحتلال الغاشم للكويت) الذي كان طعنةَ غدرٍ في ظهر الأمة العربية أزالت الائتلاف بين الدول العربية، وأنهكت اقتصادها وأضعفت نموها، وفي المقابل كانت مصدرَ عز واستقرار لأمن إسرائيل وإيران في المنطقة.
أما في العقد (2001م - 2010م) فنجد أن واقعة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م هي الحدث الفاصل الذي على أثره شن العالم حربا عالمية على الإرهاب، استغلتها الولايات المتحدة فيما بعد في إشعال (حرب الخليج الثالثة) التي انتهت بتسليم العراق لإيران وتقسيم الدول العربية إلى محورين لصالح تعزيز نفوذ إسرائيل وإيران في المنطقة..
ومما يثير الدهشة أن نجد بداية العقد الجديد 2011م تُستهل بثورة شعبية مفاجئة، أوقد شرارتها رجل من الطبقة الكادحة ، في بلد عربي بعيد عن المشهد السياسي، فأسقطت نظامه العلماني الدكتاتوري، وأخذت نيرانها تنتقل بين الدول العربية انتقال النار بين الحقول اليابسة في يوم عاصف..
فهل يا ترى تكون ثورة (بوعزيزي) وما تبعها من ثورات شعبية على الأنظمة العربية هي الحدث الأبرز الذي سيلقي بظلاله على أحداث العقد القادمة، كما حصل مع حادثة الحادي عشر من سبتمبر في بداية العقد الماضي؟!..
هل ستكون تلك الثورات التي خالفت التوقعات حدثا خارجا عن نص المسرحية السياسية القائمة في المنطقة وعن سياق الأحداث التاريخية في العقود الماضية، فيدشن مرحلة سياسية فاصلة تبشر بانبلاج فجر جديد ؟!
أم هل يكون ذلك الحدث مجرد امتداد لنسق الأحداث السياسية السابقة، فلا يعدو أن يكون فصلا جديدا يضفي على فصول هذه المسرحية المستمرة مزيدا من الإثارة والغموض من أجل استدراج الشعوب العربية اليائسة التي سئمت مشاهدة فصولها بعد أن انكشفت لها أسرار أحداثها ، لتقوم - من حيث لاتشعر - بأداء الأدوار السابقة لقادتها في هذه المسرحية ؟! ..
ألا يمكن أن تقوم الولايات المتحدة باستثمار هذا الحدث مستقبلا - كما هو ديدنها مع الأحداث السابقة - ، وذلك بسرقة ثمار ثورات الشعوب العربية ، واستغلال براءة مطالبها، لاستخدامها في صنع أنظمة جديدة مختلفة، وإحداث خلخلة في موازين القوى في المنطقة، وإعادة صياغة المواقف الدولية من القضايا المصيرية ، وتقوية أدوار دول على حساب أخرى، وتغيير خارطة التحالفات في المشهد السياسي ، يكون الرابح الأول والأخير في نهاية الأمر: إسرائيل وإيران في المنطقة، فتكون - حينئذ - هذه الثورات في حقيقتها مجرد إرهاصات للفوضى الخلاّقة التي بشرت بها قبل سنوات عجوز البيت الأبيض (كونداليزا رايس)؟!..
إنني إذ أسوق هذه التساؤلات لا أكرس نظرية المؤامرة ، بل أدعو إلى تأمل الأحداث ، واستشراف العواقب ، واستلهام العبر، لدرء الأخطار، والخروج بأقل الخسائر، وأخشى ما أخشاه أن نترك تلك المهمة للمستقبل حتى تأتي بداية العقد القادم 2021م لتكون خير من يكشف لنا غموض ماضينا، وحينئذ سنصطدم بالواقع المرير، وسنجد أن التاريخ قد أصدر فاتورة الأحداث، وسجّل خسائرها - كما في كل مرة - في حساب العرب الذين يشهد لهم التاريخ في كثير من أحداثه أنهم أغرار كرماء ، تسيطر عليهم العاطفة ، وتأخذهم النخوة العربية ، فتنسيهم عِبر التاريخ ، وتعميهم عن استشعار ما يُحاك لهم من مكائد ، ومايُبيت لهم من أخطار .
Read more In Mega fm Read health news health big social network social network ميجا اف ام هيتس اف ام ستار اكاديمي 8 star academy 8
0 comments:
Post a Comment